الدنماركيون فقدوا الثقة باقتصاد بلدهم والدولة تدفع المليارات لاستعادة ثقتهم المفقودة


كشف تقرير إحصائي صدر قبل أيام أن أغلب الدنماركيين قلقون على إقتصادهم الخاص، بعد أن فقدوا الثقة باقتصاد البلد، جراء أزمة وباء كورونا. وأوضح التقرير الصادر عن معهد الأحصاء الدنماركي، وهو أكبر مؤسسة إحصائية في البلد،  أن ثقة المستهلكين باقتصاد الدولة قد انخفضت الى 12 درجة تحت الصفر خلال شهر أبريل/ نيسان الجاري، بعد أن كانت 5 درجات فوق الصفر في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ويعني هذا الانهيار غير المسبوق بمؤشر الثقة الاقتصادي أولاً وقبل كل شيء، أن الدانماركيين تحولوا من الثقة الكبيرة بأوضاعهم الاقتصادية،الخاصة والعامة، الى القلق البالغ بشأنها، وأنهم سيحتفظون بما لديهم من أموال خاصة، تحسباً لما هو أسوأ، أي أنهم سيقتصدون في الاستهلاك  قدر الإمكان، خصوصا في ظل التزايد غير المسبوق بمعدلات البطالة.

حلقات مترابطة في السراء والضراء
ومن تبعات هذا الانخفاض الحاد بالاستهلاك، أنه سيؤثر سلباً على معدلات الطلب على السلع والخدمات في عموم البلد، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الى تشجيع الاستهلاك لكي تدور عجلة الانتاج ويتعافى الاقتصاد.  من جهة أخرى سيؤدي انهيار ثقة الدنماركيين بالاقتصاد الى تريث المستثمرين في إطلاق مشاريع إستثمارية جديدة، وذلك بانتظار تحسن الأداء الاقتصادي في البلد. ومعلوم أن الدورة الاقتصادية في اي بلد تكون مترابطة الحلقات، وأن أي خلل في أحدى حلقاتها يضر ضرراً بالغاً بالدورة كلها. فلو انخفضت القوة الشرائية لدى غالبية الناس، بسبب البطالة أو القلق من الوضع الاقتصادي، وهذا ما يحدث حالياً بسبب أزمة وباء كورونا، فإن الاستهلاك سينخفض، وستتضرر قطاعات عديدة، إنتاجية وخدمية، وتزداد بذلك معدلات البطالة مرة أخرى وهكذا تستمر حالة الانهيار الإقتصادي بالتفاقم. والعكس صحيح طبعا، فلو تحسنت حلقة من حلقات الدورة الاقتصادية سيؤدي ذلك حتماً الى تحسن في الحلقات الاخرى، وللاقاصاد بشكل عام.

دور الدولة الحاسم
ولكسر هذه الدائرة المقفلة من الانهيار الاقتصادي لا بد من تدخل الدولة بقوة وبسرعة. وهذا ما حدث ويحدث فى الدنمارك وفي عشرات البلدان الاخرى حالياً. فقدأصدرت الحكومة العديد من المبادرات المالية لمساعدة القطاعات المتضررة بلغت في مجملها حوالي 300 مليار كرون. تشمل تعويضات الرواتب والنفقات الثابتة وغيرها حتى الثامن من يوليو/تموز القادم.
وفي بيان صدر عنها قبل يومين أعلنت وزارة الصناعة والاعمال بأن 2,7 مليار كرونه قد تم توزيعها فعلاً على ٱلاف العمال والموظفين المهددين بالبطالة، وأن مبالغ أخرى سيتم صرفها في هذا المجال وغيره خلال الاسابيع القادمة. وقد اعلنت الحكومة منذ البداية بانها هدفها من كل هذه المبادرات وغيرها، هو السيطرة اولاً على معدلات البطالة،وتشجيع الاستهلاك وتحريك الاقتصاد الوطني، وصولا الى خروجه معافى من الازمة الحالية.

محمد حمزة

صحفي عراقي. عضو اتحاد الصحفيين الدنماركيين. عمل في الصحافة العربية في لبنان وسوريا. ساهم في تأسيس واصدار وتحرير عدد من الصحف والمواقع العربية في الدنمارك.
زر الذهاب إلى الأعلى
Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock