عرب الدنمارك والكورونا


تتسارع الأحداث بين بحر البلطيق وبحر الشمال، فالحكومة أعلنت عن إجراءات استثنائية منتصف الشهر الماضي أغلقت بموجبها العديد من مؤسسات الدولة وأمرت بإقفال محلات تجارية ومعاهد ومدارس ودور عبادة وأوصت بعدم التجمهر لأكثر من عشرة أشخاص في الأماكن العام أو في المنازل، ومع بداية هذا الشهر أعلنت عن إعادة فتح بعض هذه المؤسسات بشكل تدريجي. و السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في هذه المرحلة، أين عرب الدنمارك من هذه الإجراءات والتطورات؟
منذ أن تم تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) في الدنمارك في أواخر شهر فبراير وعدد كبير من عرب الدنمارك يعيشون حالة عدم استقرار وتخوف وترقب، حالهم حال السواد الأعظم من المجتمع الدنماركي.

المعدن النظيف
لكن خلال الأسابيع الماضية ظهر المعدن النظيف لمجموعات كبيرة من عرب الدنمارك في معظم المدن الدنماركية. ففي شمال جزيرة يولاند على سبيل المثال تواردت الأنباء عن قيام بعض الشباب العرب المتطوعين بتوفير حاجيات كبار السن وتقديم الخدمات المختلفة لهم، حيث قام البعض بتنظيم أنفسهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي و تجميع طاقاتهم في سبيل تقديم الدعم للفئات الهشة. مشهد مهم اَخر في هذا الصدد هو ما قام به العديد من العرب ممن يسكنون في محيط مخيمات اللجوء، حين سخروا سياراتهم في خدمة القادمين الجدد و وفروا لهم سهولة التسوق في الأسواق الكبيرة قبل أن تغلق أبوابها. أما مدينة سليلسه في جزيرة شيلاند فقد شهدت تطواف مجموعة من عرب المدينة على كبار السن وتزويدهم بالفواكه وبعض احتياجاتهم المنزلية.

وهنا على هذا الفضاء الالكتروني الواسع لاحظنا عشرات المبادرات الفردية والجماعية التي تحث الجالية على اتباع التعليمات الحكومية. ففي مدينة أغورس استثمر الفلسطيني سيمون الزينب جل وقته في ترجمة المؤتمرات الصحفية لرئيسة الوزراء وأعضاء الحكومة إلى اللغة العربية في ظل متابعة كبيرة من ابناء الجالية. فضلاً عن وجود صفحات متعددة على الفيسبوك تقدم معلومات قيمة لعرب الدنمارك لعل أبرزها صفحة الدنمارك من كل الزوايا و عمر المختار على سبيل المثال لا الحصر.  اَخر المنضمين لهذه الجهود كانت صفحة جديدة هي راديو المغتربين التي وبالرغم من حداثتها على صفحات التواصل، لكن جذورها تمتد إلى عقود في خدمة الجالية. كل هذه الجهود الإعلامية القيمة نرسل لها من إدارة تحرير موقعنا كل الاحترام والتقدير.

مساهمات في الداخل والخارج
طبياً، كانت ولا زالت مشاركة الاَلاف من الأطباء والعاملين في المجال الطبي الدنمارك من أصول عربية، وكذلك العاملون في دور الرعاية والخدمات والحراسات وسائقي الحافلات وسيارات الأجرة دور واضح و جلي في جهود مكافحة الوباء و الحفاظ على استمرار الخدمات المقدمة للمواطنين و المجتمع الدنماركي بشكل عام. ولا ننسى كذلك دور الباحثين من أصول عربية الذي شمروا سواعدهم وبدأوا في صراع مع الزمن من أجل إيجاد عقار مقاوم لهذا الفيروس.

إننا كمنتمين لهذا المجتمع نمر اليوم بأيام صعبة تتطلب منا التعاون والتكافل والتفكير بروح الجماعة. وها نحن قد ودعنا عيد الفصح، نستقبل شهر رمضان المبارك في ظل هذه الظروف الإستثنائية.

نضال أبو عريف

ولم يقتصر الأمر على الداخل الدنماركي فحسب، بل امتدت يد العون من عرب الدنمارك إلى بلدانهم الأصلية فشاهدنا الفرحة ترتسم على وجوه أطفال قرى المغرب بفضل تبرعات من الدنمارك وتابعنا بفخر كبير مبادرة الفنان الدنماركي الفلسطيني سليم عاصي، الذي قام بعرض لوحاته في المزاد العلني وتبرع بريعها كاملاً إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينين في لبنان.
كل ما ذكر، إنما هو غيض من فيض، ولا تتسع هذه السطور لذكر المبادرات الرائعة تعبر عن روح المسؤولية الكبيرة في صفوفنا.

بالعمل الجماعي نتخطى الأزمة
إننا كمنتمين لهذا المجتمع نمر اليوم بأيام صعبة تتطلب منا التعاون والتكافل والتفكير بروح الجماعة. وها نحن قد ودعنا عيد الفصح، نستقبل شهر رمضان المبارك في ظل هذه الظروف الإستثنائية. و لكي نصل إلى الضفة الأخرى تقع على عاتقنا جميعاً مسؤوليات كبيرة، فالعديد من المؤسسات العربية تعرضت لنقص كبير في الموارد بسبب توقف نشاطاتها، فمدارس نهاية الأسبوع التي توفر تعليم اللغة العربية ودور العبادة والنشاطات الثقافية والاجتماعية والتي يقوم معظمها على الجهد التطوعي تقاوم اليوم كي تستمر في نشاطاتها.
وهذا يتطلب منا جميعا أن نكثف الجهود لدعمها حتى تنهض من جديد وترفع الراية، فبدون العمل الجماعي لا نستطيع تخطي هذه الأزمة والمحافظة على مكتسباتنا في هذا المجتمع.

ومن شعورنا بالمسؤولية فإن موقع نبض الدنمارك يفتح جميع صفحاته لنشر أي خبر أو تقرير يساهم في دعم وتطوير العمل المؤسساتي العربي الدنماركي.

نضال أبو عريف

صحفي دنماركي من أصول فلسطيينية عمل في عدة وسائل إعلامية عربية ودنماركية منذ عام 2005.
زر الذهاب إلى الأعلى
Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock