احذروا أنفسكم أيها المسلمون

تنويه: تم نشر هذا المقال قبل أكثر من 30 يومًا.
قد تكون بعض المعلومات الواردة فيه قديمة أو غير محدثة.

 

أتعس حال يمكن أن يصل إليها الإنسان هي تلك التي يكون فيها خطراً على نفسه. ومؤسف أن الجاليات المسلمة في الدنمارك، وفي مقدمتها الجاليات العربية أصبحت في مثل هذه الحال أو تكاد. فمع أن اليمين الدنماركي المتطرف يجهد ليل نهار لتصويرها كخطر محدق بالدنمارك، إلا إن هذه الجاليات في الواقع ليست في موقع تشكل فيه أي خطر على الدنمارك، سواء على نظامها السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي. على العكس، إن الجاليات المسلمة هي التي تعيش في خطر دائم من تنامي قوة اليمين المتطرف، وتحديداً اكتسابه هذه القوة على حساب شيطنة المسلمين وتصويرهم كمصدر خطر. غير أن خطر اليمين المتطرف ليس قاتلاً بعد، فالدستور الدنماركي والنظام القانوني يقفان كسد منيع أمام تطلعات هذا اليمين إلى ما لا يقوله علانية ولكن يحلم به، ألا وهو “تطهير الدنمارك من المسلمين”! ومع أن بعض الأحزاب اليسارية صارت تعزف على نفس وتر الخطر الإسلامي مما يعطي المخاوف المفتعلة لليمين المتطرف زخماً كبيراً، فإن خطر وقوع تطهير عرقي للمسلمين في الدنمارك أمر غير محتمل في المدى المنظور.

المسلمون في الدنمارك لا يشكلون خطراً إلا على أنفسهم، لأن قطاعات واسعة منهم تفتقر إلى منهج عقلاني في التعامل مع نفسها ومع بيئتها. وهذا مصدر لأخطار من الداخل، يتجلى أولها بشكل مباشر في النظرة التي تنشأ في أوساط الجيل الثاني إلى واقع السياسة الدنماركية اليوم، وفي الكيفية التي صار هؤلاء يتعاملون بها مع القضايا التي تتعلق بهم. فمَن منا يكون في جزءٍ من حياته اليومية على احتكاك بهذا الجيل يمكنه بسهولة أن يسجل أن أعداداً متزايدة من أبناء هذا الجيل وبناته صاروا “يتفهمون” مواقف حزب الشعب الدنماركي المعادية دائماً لقضايا اللاجئين والمسلمين، ويرون أن هذا الحزب ليس دائماً على خطأ، بل وأن بعضاً منهم بدأ يرى أن وجود حزب الشعب الدنماركي ضروري ويشكل سداً أمام طغيان ولا عقلانية المتخلفين من الآباء المسلمين. إن الكارثة هي أن هذه النظرة تنشأ وتتوسع في صفوف الفئات الشابةالناجحة في المجتمع الدنماركي، والذين يمكن أن يكونوا قوة فاعلة في فضح عدوانية اليمين المتطرف.

تسألهم لماذا؟ فيجيبون “لأن آباء كثير منا لا يعيشون في الواقع اليومي الثقافي والاجتماعي للدنمارك. إنهم يريدون من أبنائهم وبناتهم أن يتصرفوا بطريقة ترضي أعمامهم وأخوالهم في قراهم التي جاءوا منها. وهؤلاء لا ينفع معهم إلا من يجبرهم على الاندماج!”

ويقول غيرهم “بعض الآباء يعانون من الازدواجية الأخلاقية. إنهم يمارسون ما يحلو لهم من الفواحش! ويمنعون أبناءهم من ممارسة حقوقهم العادية. الآباء بحاجة إلى التحرر من ازدواجيتهم وإساءة استخدامهم لتعاليم الإسلام. وطالما هم لا يفعلون ذلك، فبيا كيرسكو دواء نافع لهم.”

وآخرون يقولون “نحن أنفسنا مضطرون إلى العيش حياة مزدوجة (أنت طبعاً لن تقول هذا لأبي). قل لي أين أذهب بمتطلبات شبابي؟ إن العشرات من الشباب مثلي، أمام البابا نصلّي ومن ورائه ترللم .. ترللم!”

وأحدهم يقول “بعد الطلاق بينه وبين أمي كان أبي يأتي إلى البيت عادة سراً بعد حلول الظلام. لن أنسى الصباح الذي طرقت فيه المشرفة الاجتماعية بابنا في زيارة مفاجئة قبل أن يغادر أبي البيت. اختبأ أبي في دولاب الملابس حتى لا تراه المشرفة. لكننا نسينا أن نخفي أحذيته، فرأتها المشرفة وقالت لأمي كلاماً قاسياً وحذرتها من الكذب! لم أعرف في البداية سر ذلك الطلاق الكاذب. بعد حين عرفتُ أن أمي صارت تأخذ مساعدة أكبر من الكومونة لأنها مطلقة. أبي؟ إنه لا يكف عن الكلام عن الإسلام وعن أن الدنماركيين يريدون إفساد أولاد المسلمين. هههه. سأشعر بالمهانة طول عمري بسبب أبي. وأنا أنفر من إسلام أبي، وأتمنى لو أن بيا كيرسكو كان عندها منذ البداية قوة تمنع أبي من فعل ما فعل.”

إننا لسنا طبعاً أمام زحف جماعي من قبل هؤلاء الشباب للإنضمام إلى حزب الشعب الدنماركي أو على الأقل التصويت له في الانتخابات، لكننا بالتأكيد أمام حالة من الانسحابات المهمة من جبهة التصدي لليمين المتطرف. هذه الحالة سنسجلها بوضوح أكبر حين يصل مثل هؤلاء الشباب إلى حالة لا يتحرجون فيها من التصريح بمواقفهم!

 

تنوه أخبار الدنمارك إلى أنه تم نشر هذا المقال في العدد السادس من جريدة أخبار الدنمارك والصادر في شهر مايو 2010.

اشترك في النشرة البريدية لموقع نبض الدنمارك

زر الذهاب إلى الأعلى
📚 شكراً لقراءتك! شاهد المزيد من مقالاتنا.

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock