من وزارة المالية إلى قمة الهرم الإعلامي في الدنمارك.. من هو “بيارنه كوريـدون” المدير الجديد لهيئة الإذاعة الدنماركية؟

أعلنت هيئة الإذاعة الدنماركية (DR) ظهر اليوم الاثنين عن تعيين بيارنه كوريـدون (Bjarne Corydon)، البالغ من العمر 52 عاماً، في منصب المدير العام الجديد للهيئة خلفاً لماريا رورباي رون، حيث سيتولى منصبه الجديد ابتداءً من 1 أغسطس/آب القادم.

يأتي هذا التعيين في وقت حساس من تاريخ DR، التي تحتفل بمرور 100 عام على تأسيسها. وفي أول تعليق له على هذا القرار، وصف كوريـدون توليه المسؤولية الجديدة بأنه «امتياز استثنائي ومسؤولية كبرى»، معتبراً هيئة الإذاعة الدنماركية «واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في الدنمارك». وأكد على أهمية أن تكون المؤسسة منبراً جامعاً لجميع المواطنين، مع إدراك واضح لكونها ملكاً لجميع الدنماركيين.

من هو بيارنه كوريـدون؟

ولد بيارنه كوريـدون عام 1973، وهو سياسي وصحفي دنماركي بارز، بدأ مسيرته المهنية بالعمل في السلك السياسي كإداري وموظف رفيع المستوى في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قبل أن يُنتخب للمرة الأولى كعضو في البرلمان الدنماركي (الفولكتنج) في عام 2011.

وفي مفاجأة سياسية غير متوقعة، تسلّم كوريـدون منصب وزير المالية في حكومة رئيسة الوزراء السابقة هيلي تورنينج شميدت (2011-2015)، وذلك بعد أن تعذّر تعيين المرشح الرئيسي، هنريك ساس لارسن، في المنصب لأسباب أمنية. ورغم أنه كان شخصية غير معروفة بشكل كبير للجمهور، تمكن بسرعة من فرض حضوره السياسي ليصبح واحداً من أبرز وزراء المالية في تاريخ الدنمارك الحديث.

«الوزير الأزرق» بين الشعبية والجدل

حظي كوريـدون بشعبية كبيرة في أوساط قطاع الأعمال والصناعة، واعتُبر لسنوات واحداً من أكثر السياسيين نفوذاً ومصداقية في البلاد. لكن في المقابل، لم تكن علاقته باليسار السياسي على ما يرام، إذ لقبته الأوساط اليسارية ساخرةً بـ«بيارنه الأزرق» (Blå Bjarne)، نظراً لتوجهاته الاقتصادية التي كانت أقرب إلى الليبرالية اليمينية منه إلى الاشتراكية التقليدية.

وفي عام 2013، شهد كوريـدون أصعب المحطات السياسية في مسيرته عندما قررت حكومته خصخصة جزئية لشركة الطاقة الحكومية العملاقة «دونغ» (Dong)، المعروفة حالياً بـ «أورستيد». وتسببت هذه الخطوة في موجة احتجاجات واسعة، بعدما تقرر بيع 19% من أسهم الشركة إلى بنك الاستثمار الأمريكي «غولدمان ساكس». هذا القرار دفع بحزب الشعب الاشتراكي (SF) للخروج من الحكومة، وتسبب في جمع مئات آلاف التوقيعات المعارضة ومظاهرات كبيرة أمام البرلمان.

رغم ذلك، تمسك كوريـدون بقراره، ونُفذت عملية البيع بالفعل. وظلت هذه القضية تلاحقه، واعتبرها كثيرون نقطة تحوّل رئيسية في إرثه السياسي.

الانتقال إلى الإعلام

بعد انسحابه من الحياة السياسية عام 2015، تحوّل كوريـدون نحو الإعلام، حيث تولى في عام 2018 منصب المدير التنفيذي ورئيس التحرير في صحيفة الأعمال والاقتصاد الشهيرة «بورسن» (Børsen). خلال هذه السنوات، عزز مكانته كرجل إعلام وإدارة، وأثبت قدرته على قيادة المؤسسات الإعلامية الكبيرة والتعامل مع تحديات السوق الإعلامي المتغيرة.

واليوم، مع اختياره مديراً عاماً لهيئة الإذاعة الدنماركية، يفتح كوريـدون صفحة جديدة في مسيرته المهنية، حاملاً معه خبرته السياسية والإدارية والإعلامية، وسط توقعات كبيرة حول قدرته على قيادة واحدة من أعرق وأبرز المؤسسات الإعلامية الدنماركية.

يبقى السؤال مفتوحاً حول التغييرات التي سيحدثها كوريـدون في DR، خصوصاً في ظل التطورات الكبيرة التي يشهدها المشهد الإعلامي الدنماركي والعالمي.

اشترك في النشرة البريدية لموقع نبض الدنمارك

المحرر

مدير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى
📚 شكراً لقراءتك! شاهد المزيد من مقالاتنا.

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock