⏰
تنويه: تم نشر هذا المقال قبل أكثر من 30 يومًا.
قد تكون بعض المعلومات الواردة فيه قديمة أو غير محدثة.
شنت الحكومة خلال الأيام الماضية حملة قوية على ما تسميه الجيتوهات السكانية. والمقصود بها تلك الأحياء التسعة والعشرين التي حددتها وزارة الشؤون الاجتماعية بالاحتكام إلى ثلاثة معايير أساسية وهي نسبة السكان الأجانب فيها وعدد أصحاب السوابق من سكانها وعدد العاطلين عن العمل فيها. أقوى الكلمات في هذه الحملة جاءت على لسان رئيس الحكومة ضمن خطابة السنوي يوم افتتاح دورة البرلمان الجديدة، في الخامس من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري. فقد شبه لارس لوكه راسموسن تلك الأحياء بصخور الصحراء في عزلتها عن محيطها وعدم انتمائها له. ووعد باستخدام كل الوسائل لتدمير هذه الصخور، بما في ذلك تهديم المئات من المباني السكنية. ورغم تحفظنا على تسمية الجيتو التي لا تنطبق كليا على تلك الأحياء، فان الاهتمام الحكومي الخاص بها وفق خطة مدروسة، بات ضرورة اجتماعية تفيد المجتمع برمته. لماذا؟ لأن هذه التجمعات السكانية تعاني حاليا من مشاكل كثيرة تكاد تكون يومية، أثرت وتؤثر على الكبار والصغار من سكانها، ويشهد بعضها بين الحين والأخر أعمال عنف وتجاوزات لا تشهد الأحياء الأخرى مثيلا لها، كما أن الكثير من سكان هذه الأحياء يحتكمون إلى شخصيات وعادات وتقاليد أخذ بعضها قوة القانون، ونابت عنه في بعض الحالات. والأخطر من هذا وذاك أن الكثير من أطفال وشباب هذه الأحياء ينخرطون في ممارسات فردية أو جماعية تسيء لهم ولذويهم وتهدد حاضرهم ومستقبلهم ولا تتناسب مع المعايير الحضارية. لذلك فإن تغيير الواقع اليومي لهذه الأحياء سيفيد الجميع. أما كيف يتم ذلك فهذا ما لا يمكن للوصفات الجاهزة أن تفي به. الحكومة من جهتها وعدت بإعلان ما أسمته «إستراتيجية متكاملة لمكافحة الجيتوهات»، سيكون ولا شك لليمين المتطرف تأثيره الواضح عليها. ولعل التهديد بهدم بعض المباني في هذه الأحياء وإجبار سكانها على الانتقال إلى أماكن أخرى، يؤكد هذا التأثير. فإجراء تغييرات تعسفية وسريعة في البنية السكانية لا يحل المشكلة. لأن جماعات العنف ستنقله معها أينما ذهبت، كما أن العاطل عن العمل لن يحصل بالضرورة على عمل حالما ينتقل الى حي آخر.
· بدأ البرلمان الدنماركي قبل أيام دورته الجديدة بخطاب هام لرئيس الوزراء، حدد فيه معالم برنامجه الحكومي للسنة القادمة، وهي -كما هو معروف- سنة انتخابات برلمانية حاسمة تنذر بتغيير سياسي شامل. فالتحالف اليميني الحاكم يعاني من مشاكل كثيرة وهو في حال لا يحسد عليه.
هذا على الأقل ما تقوله استطلاعات الرأي التي تكاد تجمع على تقدم كبير للمعارضة بات يهدد جديا التحالف الحاكم في الانتخابات القادمة. ولعل أهم أسباب التدهور الحاصل في شعبية الحكومة هو سياساتها الاقتصادية والاجتماعية التي اتبعتها منذ عدة سنوات، والتي اعتمدت بشكل أساسي على إجراءات التقشف الشديد والمتلاحق في مجال الخدمات الاجتماعية بمعناها الواسع. هذا التقشف غير المسبوق ألحق أضرارا كبيرة بالشرائح المتوسطة والضعيفة، في حين حصل الرأسماليون الكبار على المزيد من التسهيلات والدعم المالي، بحجة أن ذلك سوف ينشط السوق ويخلق فرص عمل جديدة ويحد من البطالة. لكن هذه السياسة لم تثبت جدواها. وقد زادت وطأة التقشف الذي يستهدف شرائح اجتماعية معينة، عندما اعتبرته الحكومة السلاح الذي تواجه به الأزمة الاقتصادية الحالية.